الورقة حينما نمزقها .. لن يكون لها مكان سوى سلة المهملات ..
أما إذا كتبنا فيها شيئاً مهما فسيكون لها قيمة ..
سنحفظها في خزائننا الخاصة .. وفي ملفاتنا الهامة ..
تلك أنفسنا وأرواحنا ..
حينما نهملها ونسلى عنها ..
تصبح أرواحاً مهجورة ..
مظلمة .. موحشة ..
لا تسمع فيها إلا صدى آهاتٍ مخيفة .. وأناتٍ مكتومة ..
لا يشعر من يسكنها إلا بريحٍ زمهرير تضرب جدرانها ..
وكأنها كهوفٌ مسكونةٌ بأرواحٍ شيطانية ..
أو قبورٌ دفنت فيها ذكرياتٌ مؤلمة ..
تجد صاحب تلك الروح .. يأنس حينما يخالط الناس ..
ضحكاتٌ تتعالى .. حبورٌ وسرور ..
يتمنى أن تطول ساعات الاجتماع ..
لكن .. ما إن يحين موعد الاختلاء مع النفس ..
إلا وتجد ذلك المحيا الضحوك قد تبدل لوجهٍ رمادي اللون ..
تقاسيم ٌ عابسة .. عيونٌ ساهمة ..
كأن أشباح الدنيا تطوف حوله ترتل ترنيمة البؤس ..
قلق .. حزن .. اكتئاب .. ( طفش ) ..
خصامٌ عنيفٌ مع النفس ..
يتخبط .. يبحث يمنةً ويسرة ..
علَّ مكالمةً من زميلٍ تنتشله من نفسه ..
أو صديقٍ يسهر معه ..
أو حتى هروبٌ عبر الشبكة العنكبوتية ..
المهم ..
أن يبتعد عن نفسه .. عن روحه ..
إن نفوسنا كالبستان .. تحتاج منا إلى رعاية وعناية ..
تماماً كما يصنع البستاني ببستانه ..
يحفر مواضع البذر .. يسقي .. يقلم الأغصان ..
يضع ذلك الشاخص حتى يخيف الطيور ويبعدها عن شجيراته المحبوبة ..
تخيلوا معي .. لو أهمل البستاني بستانه الجميل ..
ستتلف الأزهار .. تذبل الأغصان ..
تموت الحياة .. وستأتي الريح لتسقط الشاخص ..
فينقلب إلى وادٍ غير ذي زرع ..
صدقوني .. لن يكون البستاني أكثر خسارةً منا إذا ضيعنا أرواحنا ..
الروح غالية .. النفس عزيزة .. لا تقدر بثمن ..
والذكي من يستثمر نفسه .. فيرعاها .. ينميها ..
ينيرها بالمعرفة .. يدفعها بالثقة ..
يسمو بها بالمناجاة .. يتوجها بالإنجازات ..
بعدئذٍ لا مكان للظلمة ولا مجال للوحشة ..
أنت ..
نعم أنت يا من تقرأ كلماتي وتعيش بين أسطري ..
لا تشح بوجهك .. إني أعنيك أنت ..
بعد أن تكتشف نفسك .. وتحييها ..
لا تهتم لغربان الطريق ..
ولا لوحشة الوحدة ..
لن تشعر بالحزن والخوف ..
ولن تعشعش خفافيش الظلام بعد اليوم ..
أضف تعليق